الخميس، 14 فبراير 2013

سلسلة لماذا تأخر النصر عن سوريا-وسقطت الأقنعة ٣


أحبتي الكرام لا زلنا نجيب عن سؤال: لماذا طال البلاء في سوريا. تأملنا في الحلقتين الماضيتين أربع حكم واليوم نتابع بإذن الله فنقول:

5) طال البلاء لتسقط الأقنعة ويبدو الوجه الكالح للباطل ورحمةً من الله بأن يطهر قلوب جماهير المسلمين من المحبة للكفار والمنافقين.

المجتمع الدولي الذي حرص على "إنقاذ" المرأة الأفغانية من الشريعة التي طبقتها الطالبان، وأشاد عام 2003 بظهور امرأة أفغانية بمظهر مقذع في مسابقة ملكة جمال الأرض، ومنح المرأة جائزة خاصة لأنها تعبر عن انتصار حقوق المرأة في أفغانستان...المجتمع الدولي الذي أكد في تونس وليبيا ومصر على أن أي نظام يستلم الحكم لن يتلقى الدعم إلا إذا حافظ على حقوق المرأة ومنع من "اضطهادها" الديني...

هو ذاته المجتمع الدولي الذي يرى أخواتنا في سوريا يُغتصبن يوميا، بل تُخصص كتائب من النظام المجرم لاغتصاب نساء أهل السنة، ثم هذا المجتمع الكذاب المنافق لا يهمه أبدا أن يحافظ على عفة المرأة في سوريا وحقها في أن تصون عرضها من كلاب النظام.

المجتمع الدولي الذي تدخل لـ"إنقاذ المدنيين" في العراق واليمن والصومال من الجماعات الـ"إرهابية"، والذي تظاهر بالاهتمام بأمور المسلمين في لبيا، هو ذاته الذي يرى المسلمين في سوريا يُقطعون ويفرمون ويعذبون ويحرقون ولا يحرك ساكنا. فالقضاء على أكبر قدر من المسلمين هو مطلب في ذاته لأن الزيادة السكانية في العالم الإسلامي غير مرغوب بها،

فهي تزيد المنافسة على الثروات الإسلامية التي يراها الغرب من حقه وتُردف الحركات الإرهابية بالكم البشري، وهو ما لا تريده دول الغرب كما نصت دراسةPopulation and The American Future  (الكثافة السكانية والمستقبل الأمريكي) التي أعدت عام 1972.

فالنظام النصيري يمارس دورا مشكورا بالنسبة للمجتمع الدولي بإبادته المسلمين. لكن متى سيتحرك هذا المجتمع؟ عندما يرى أن النظام النصيري يترنح وتبدو إرهاصات كيان إسلامي نقي، حينئذ، وليمنع تشكل هذا الكيان، سيهب هذا المجتمع المنافق باسم إغاثة المنكوبين ونصرة المستضعفين. نسأل الله أن يجعل كيدهم ينقلب عليهم.

وكذلك الحال بالنسبة لإقليم أراكان المعروف ببورما. في ظل قتل وحرق عشرات الآلاف من إخواننا وأخواتنا هناك، الإدارة الأمريكية قبل أسبوع ترفع القيود عن استثمار الشركات الأمريكية في بورما، بناء على وعد كانت قد قطعته لحكومة بورما الشهر الماضي فيما يبدو وكأنه حض على المجازر ومكافأة عليها.

وكذلك دول الاتحاد الاوروبي واستراليا خففت العقوبات التي تفرضها على بورما تزامنا مع المذابح ضد المسلمين. وقال الرئيس الأمريكي: (تخفيف العقوبات اشارة قوية عن دعمنا للاصلاح، وسنقدم حوافز مباشرة للاصلاحيين ومساعدات كبيرة للشعب البورمي)! أي إصلاح؟ قتل عشرات الآلاف من المسلمين. عداوة ظاهرة ما بعدها عداوة. فإبادة المسلمين مقصودة في ذاتها لدى أعداء الإسلام.

طال البلاء ليزداد تساقط أقنعة الأنظمة العربية التي تشارك في الحرب على "الإرهاب" وتطبق قوانين "مكافحة الإرهاب”، ثم لا ترى فيما يحدث في سوريا إرهابا بل تحبس وتحاكم من يحاول الخروج إلى الجهاد في سوريا.

فالجهاد ودعمه عند هذه الأنظمة  ينبغي أن يخرج من عباءة المجتمع الدولي ويمر بقنواته حتى يتمكن هذا المجتمع من اختطاف ثمرته وكبح جماحه.

طال البلاء لتسقط أقنعة من ادعوا دعم القضية الفلسطينية.

من سنوات قليلة فقط كان كثير من المنتسبين إلى الإسلام يبنون ولاءهم وبراءهم على القضية الفلسطينية وعلى الموقف من الكيان الصهيوني. فمن يحارب المحتل الصهيوني ويدعم النضال الفلسطيني شيوعيا كان أو بعثيا، قوميا كان أو شيعيا، غربيا كان أو روسيا،

فهو الذي له الولاء والاحترام. حتى لو كان دعمه هذا بمجرد التصريحات الرنانة. ولم يكن كثيرون يفهمون أن عدو عدوك ليس بالضرورة أن يكون صديقك، وأن أي قوى غير القوى السنية المجاهدةعلى بصيرة فإنها إنما تسعى لمصالحها وتنفيذ أجنداتها.

كان الكثيرون يتاجرون بالقضية الفلسطينية ومنهم نظام الأسد، ثم بان للناس إجرام هذا النظام البعثي الذي طالما تغنَّى بالممانعة والقومية ودعم المقاومة.

أنا فلسطيني الأصل وأقول: ظفر أخ مؤمن أو أخت مؤمنة بالشام هو عندي برؤوس كل من خلا من الإيمان من المقاومين  والممانعين.

طال البلاء لتسقط أقنعة الروافض.

كان الناس قد انخدعوا بما يُسمى حزب الله، وتعلقت القلوب قبل سنوات قليلة بحسن نصر الله...لم يهمهم بغضه وبغض حزبه لصحابة وأزواج رسول الله وافتراؤهم على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

لم يهمهم فساد عقيدته وولاؤه للأنظمة الشيعية التي تقتل المسلمين في الأحواز وفي العراق. المهم نضاله المزعوم وتصريحاته العنترية وحربه للكيان الصهيوني!

وكان بعض الناس يُثني على الروافض وعلى تحديهم لأمريكا بمشروعهم النووي، ويثنون عليهم بعبارات سطحية ساذجة، كقولهم: (يعجبني في الشيعة أنهم لم يغلقوا باب الاجتهاد، يعجبني في الشيعة طاعتهم لرجال دينهم)

والآن سقط القناع وتكشف الوجه البشع للروافض ورأى الناس أن اجتهادهم وطاعتهم لكبرائهم هي في إعانة النظام المجرم على تقتيل أهل السنة وانتهاك أعراضهم وتعذيبهم. وسقط قناع حزب الله المتاجر بالقضية الفلسطينية، فها هو  يساند عصابات الأسد ويترحم على كبار المجرمين الذين سقطوا أول أمس الأربعاء ويصفهم برفقاء القتال.

طال البلاء ليحرج الأحزاب التي تدعي الإسلامية لكن بعض رموزها يمارس النفاق السياسي، ويوالي الأنظمة الشرقية الشيوعية والشيعية "الداعمة للمقاومة” بزعمهم  ويضع الأكاليل على قبور أئمة الكفر من لاعني الصحابة ويعتبر أن "الشيشان مسألة روسية داخلية، ونحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى"،

وكان هؤلاء الرموز مع ذلك يلقون الكثير من المدافعين عنهم وعن ممارساتهم الضالة هذه بحجة أنهم مضطرون لها لخدمة القضية الفلسطينية...ها هو رمز من رموزها في بدايات الثورة السورية يؤكد أن حركته "تعتبر التطورات في سوريا شأنا داخليا"!! طال البلاء لينبذ الناس هذه التقية السياسية والميكافيلية والركون إلى الذين كفروا.

والآن، كلما طال البلاء، زاد تساقط هذه الأقنعة جميعها، وكشف الله الباطل ونفر عن أهله ((ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة))، وعلم الناس أن المجتمع الدولي برمته، والأنظمة برمتها، والممانعين والمقاومين والوطنيين والمناضلين لغير وجه الله برمتهم، لا يهمهم إلا مصالحهم، ولا يرقبون في مؤمن إلا وذمة، ولا يهمهم الدم السني المسلم ولا العرض المسلم. بل يتاجرون بقضايا المسلمين بكذب ونفاق. انكشفت حقيقة الروافض وحقيقة الأنظمة العربية وحقيقة المجتمع الدولي. ليعلم المسلمون أن ليس لهم إلا الله ثم التكاتف مع إخوانهم في العقيدة.

قال سيد قطب رحمه الله في شرح قوله تعالى: ((إن الله يدافع عن الذين آمنوا)):

(قد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً . فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه، لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله؛ فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة. فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية!).

طال البلاء لتسلم عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين. فحبهم لأعداء العقيدة بحجة نصرتهم لقضايانا القومية والوطنية، هذا الحب وهذا الولاء هو من أعمال القلوب التي يأثم عليها صاحبها. فمن يحب ويوالي الكافر المنتقص من دين الإسلام أو المتنقص من قدر الصحابة يُخشى أن يُحشر معه، فاسم الإيمان منتفٍ عنه. قال تعالى:

((لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله)). فمن رحمة الله أن طهر ببلاء سوريا قلوب عباده المسلمين من محبة أعدائه.

فرقٌ بين أن يرضخ المسلمون لأعدائهم لأن عقيدة الولاء والبراء ملوثة عندهم وفي المقابل أن يكونوا كارهين لأعدائهم على بصيرة من باطلهم قد انكسرت قيود الشبهات لكن يمنعهم الضعف والخوف.

ففي هذه الحالة الأخيرة الثورة أرجى وأقرب لأن القلوب حية. طول البلاء في سوريا لم يترك لدى عامة المسلمين شبهة في قبح الباطل وعداوة أهله للإسلام، لذا فأوبة المسلمين إلى مدارج العزة أرجى.

طال البلاء في سوريا لكيلا يتكرر، إن شاء الله، ما حصل في مصر، حيث أحسن الكثيرون الظن في المجلس العسكري وانسحبوا من الميادين قبل أن يُحل، بل وأثنى عليه من أثنى ودعا له من دعا من المشايخ الذين لم يخوضوا غمار بلاء طويل يعرفهم بعدوهم وقبحه، فخذَّلوا الناس عن مقاومة العسكري ورقعوا له إلى أن نُزع فتيل الثورة.

أما في سوريا، فكيف يُظن بامرأة مغتصبة أو أم ثكلى أو أب موتور أو طفل يتيم أن يحسن الظن بقوى الكفر والنفاق؟! وعن أي عزة للأمة نتحدث لو أن الثورة انتهت مبكرا  بسقوط الأسد وبقاء مؤسسته العسكرية تحكم البلاد وتجري انتخابات "نزيهة" في ظلها؟!

طال البلاء لكيلا يتكرر ما حصل في ليبيا من تدخل بدا وكأنه "في الوقت المناسب" للمجتمع الدولي، بحيث ساهم مساهمة مباشرة في إسقاط القذافي، فكان له بعد ذلك تمنن على ليبيا وتأثير في اتخاذ القرار وجرأة على نزع السلاح.

أما في سوريا، فأية منة وأي فضل سيعترف به أهلنا لمن تركهم تسفك دماؤهم وتنتهك أعراضهم لأنه لم ير مصلحة له في إغاثتهم؟!

لهذا كله طال البلاء في سوريا. لتسقط الأقنعة ويتكشف الزيف ويفتضح المنافقون.

ولا زال هناك حكم نتأملها في الحلقات القادمة بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Google