الخميس، 31 يناير 2013

اعبد الله ليدلك على الصواب

اعبد الله ليدلك على الصواب!السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام لا زلنا نبحث عن أسباب النجاة من تيه الخلاف في المناهج والطرق والأفكار...لا زلنا نحاول تحصيل أسباب الفرقان الذي نفرق به بين الحق والباطل. ذكرنا في الحلقات الماضية ثلاثة أسباب: التقوى والتواضع للحق والحذر من الظلم. نذكر اليوم سببا مهما آخر، وهو العبادة. العبادة؟! نعم. لكن ما علاقة العبادة وهي أمر عملي بالهداية وهي أمر عقدي فكري؟ لقد شاء الله تعالى للقلوب المتعلقة به سبحانه المكثرة من ذكره أن تكون أوعية للهداية. ثم إن معرفة الحق ليست للترف الفكري، بل هي تُحمل الشخص تبعات ومسؤوليات ثقيلة يعجز عنها بضعفه البشري فلا بد حينئذ من الاتصال بالله تعالى ليعين هذا العبد عليها ويمده بالقوة والثبات والاستعداد للتضحية.تأمل قوله تعالى في سورة المزمل: ((يا أيها المزمل ( 1 ) قم الليل إلا قليلا ( 2 ) نصفه أو انقص منه قليلا ( 3 ) أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ( 4 ) إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ( 5 ) )) يأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بقيام الليل وترتيل القرآن...لماذا؟ ((إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا))...هذا القرآن الذي له تبعات ثقيلة يتحملها المرء في دعوته. فلا بد من الاستعداد إذن بتمتين الصلة بالله عز وجل. ثم لاحظ ما قاله الله تعالى بعد هذه الآيات: ((إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ( 6 ) )) ((أشد وطئا)) أي أفرغ للقلب حيث يكون الخاطر صافيا فيتواطأ السمع والقلب...((وأقوم قيلا)) روى الطبري عن ابن عباس في معناها: أي: (أدنى من أن تفقهوا القرآن). عندما يختلف الناس في فهم الآيات وإسقاط قواعدها على الواقع...تقرب إلى الله وصل ركعتين في آخر الليل، بعد أن تجتهد في معرفة الحق بتجرد وإنصاف، وستهتدي إلى ما يحبه الله منك بإذن الله. هذا المعنى، أن العبادة تساعد في معرفة الحق وتحصيل الهداية والفرقان، يشهد له أيضا الحديث الذي رواه البخاري عن رسول الله أن الله تعالى قال: ((وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به))...فالسماع بالله والإبصار بالله يعني أن تهتدي لما يحبه الله فتعرفه وتعمل به. لاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أفقه الناس بدين الله تعالى والأقدر على تعليم الناس العلم النافع الذي يميزون به بين الحق والباطل. وعلى ذلك فقد نتوقع منه عليه الصلاة والسلام أن يقتصر على الواجبات من العبادات ويتفرغ لتعليم وبيان الحق، على اعتبار أن نفع التعليم عام ونفع العبادة خاص؟ خاصة وأن كل دقيقة يمضيها في تعليم الناس سيكون لها أثر عظيم على الأجيال إلى قيام الساعة؟ لكننا مع ذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعبد الناس وأحرصهم على النوافل بعد الفرائض. نعم، فبهذه العبادة تخلص النية فيقبل التعليم، وبهذه العبادة يُتحصل الفرقان فيصح التعليم، وبهذه العبادة يبارك الله في التعليم فينشره في أرجاء الأرض ويجعل له قبولا ويثمر عملا. نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ويجعلنا ممن يتقربون إليه بالفرائض والنوافل فيتولانا إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله.
250374_459769040756103_286969807_s

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Google