السلام عليكم ورحمة الله،
إخواني مر على أحداث سيناء خمسة وعشرون يوما وأنا أبحث عن أية جزئية أو معلومة تعين على فهم الموقف الذي اتخذه الرئيس المصري والأحزاب "الإسلامية" ومشايخ السلفية من أحداث سيناء، وبقيت أتحرج من إصدار كلمة في الموضوع لحساسية الوضع وبانتظار أن تكتمل الصورة أكثر، فالأحداث تسير بتسارع غير متوقع وتتجه وجهة خطيرة جدا.
في الكلمة الماضية بعنوان (الحملة العسكرية على سيناء-حرمة تصديق الافتراءات) بينتُ أنه لا يجوز للمسلم أن يصدق رواية الناطق باسم الجيش اليهودي ولا رواية أجهزة أمنية مصرية عهدناها محترفة للكذب وتلفيق التهم، خاصة وأن المنظمات الجهادية المعروفة في سيناء قد نفت صلتها بحادثة قتل الجنود الـ16، هذا من الناحية الشرعية.
أما من ناحية التحليلات السياسية فيشير المحللون إلى أن الحادثة من صنع الكيان الصهيوني ويذكرون الأدلة الكثيرة على ذلك، ويبينون أن الصهاينة هم المستفيد الأوحد من هذه الحادثة، خاصة بعد العمليات النوعية التي قام بها المجاهدون على الحدود المصرية مثل "غزوة النصرة للأقصى والأسرى" التي نُفذت قبل شهرين (في 18-6 الماضي) واستهدفت دورية يهودية، وبعد تفجير خطوط الغاز المصري إلى الكيان الصهيوني 15 مرة، والتي لقيت ترحيبا شعبيا واسعا في الأوساط المصرية...فأراد اليهود تأمين حدودهم ضد المجاهدين وتأمين خطوط الغاز وإعطاء الذريعة للجيش المصري لردم الإنفاق إلى غزة. فالرئيس المصري يفتح معبر رفح اليوم، لكن لا ندري ماذا سيفعل من بعده بالمعبر.
وسواءٌ عندنا في ذلك إن كانت العملية من تنفيذ الصهاينة بالكامل أم أنهم نجحوا في اختراق أفراد مغرر بهم. فاستهدافُ التيار الجهادي المسلح في سيناء بأكمله، بما في ذلك التنظيمات التي نفت صلتها بقتل الجنود، وتوجيه أصابع الاتهام إليه بدلا من الكيان الصهيوني، وحملة التشويه الإعلامي المباشرة من الجيش لهذا التيار، والتشويه لمفاهيم إسلامية، بحيث يصرح الجيش بكل أريحية أن الحملة استهدفت جهاديين يريدون إقامة إمارة إسلامية، وكأن الجهاد والسعي لإمارة إسلامية هكذا على إطلاقها جرائم...كل هذا يدل على أن العملية مؤامرة حاكتها أجهزة الاستخبارات. وهؤلاء لا نتوقع منهم غير هذا.
لكن المستغرب هو ما كان بعد ذلك. فبعد أن هدد الرئيس المصري محمد مرسي بأنه سيقتص من قاتلي الجنود وأنه أصدر أوامره بمطاردتهم، إذا بجيشه يستهدف من؟ يستهدف للتيار المسلح المنتسب للعمل الجهادي بأكمله، بما فيه التنظيمات الواعية التي حصرت عملها في استهداف الكيان الصهيوني.
وقد بقيت أؤخر كلمتي هذه إلى أن أتحقق من هذه الجزئية، إلى أن تبين أن الحملة العسكرية قتلت واعتقلت وداهمت منازل وجمعت أسلحة مجاهدين نفوا أية صلة لهم باستهداف الجنود. ومن شاء فليراجع مثلا عائلة أحمد محمد أحمد علي أبو النجا رحمه الله، قائد كتبية من 7 أفراد تجاهد اليهود من سيناء، والذي اتصل بوالدته بعد قتل الجنود الــ16 وأكد لها أنه وإخوانه لا علاقة لهم بهذا الحادث وأنهم إنما يطلقون الصواريخ على إيلات ويعطبون خطوط الغاز المتجهة إلى الكيان الصهيوني. ثم إذا بالحملة العسكرية على سيناء تستهدفه مع مجموعة من إخوانه المجاهدين بصاروخ يقتلهم جميعا ويأتي خبره إلى عائلته يوم 27 رمضان.
إذن ما يحصل هو تنفيذ لأجندات الصهاينة باستهداف المجاهدين الذين حصروا جهدهم في مقاتلة الدولة الصهيونية، وتتم هذه الحرب على المجاهدين بالتنسيق مع أمريكا وبتشجيعها، حيث سارعت الولايات المتحدة إلى تأييد العملية العسكرية والتأكيد على ضرورة التعاون المصري "الإسرائيلي" لضمان أمن جيران مصر، يعني الكيان الصهيوني وضرورة استمرار عملية السلام كما جاء على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند في 23-8 الجاري كما في الموقع الرسمي لوزارة الخارجية (US Department of State) (http://www.state.gov/r/pa/prs/dpb/2012/08/196881.htm).
بل ويصرح رئيس الهيئة السياسية والأمنية فى وزارة الدفاع الـ"إسرائيلية" عاموس جلعاد بعد ساعات من بدء عملية الجيش المصري ضد المجاهدين، يصرح بأنه يعتقد أن "مصر تبذل قصارى جهدها لفرض سيطرتها على شبه جزيرة سيناء ومحاربة الإرهاب هناك"... كما نقلت عنه صحيفة (جيروزاليم بوست) اليهودية على موقعها الإلكتروني (http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=752053&SecID=65&IssueID=0).
فهي إذن حرب على المجاهدين، بتأييد أمريكي صهيوني، وبتنفيذ الجيش المصري، لكن هذه المرة تتم هذه الحرب على المجاهدين بقيادة الرئيس "الإسلامي" وبغطائه "الشرعي" في عيون الكثيرين!
ويُخشى بعد هذا أن تتحول سيناء إلى وزيرستان أخرى، وإلى أَبْين أخرى...حيث تعِين الطائرات الأجنبية الجيش المحلي في الحرب على من يقاوم السياسات الأمريكية...فها هي طائرة صهيونية تقتل يوم الأحد الماضي 26-8 القاضي الشرعي إبراهيم عويضة ناصر مضعان وهو على دراجته النارية تصفية لحساب قديم لأنها تشتبه بأنه استهدف صهاينةً في عملية سابقة. وهذه بادرة خطيرة لأن تصبح سيناء مرتعا لليهود يساعدون الجيش في استهداف المجاهدين.
ثم إذا بالرئيس المصري بعد هذا الانتهاك الصهيوني الخطير بيومين في 28-8 يطمئن هذا الكيان أن لا مساس بمعاهدة كامب ديفد! هل هذا هو الرد على ضلوعهم الواضح في قتل الجنود الـ 16 ثم قتل إبراهيم عويضة؟!
فأقول لمن يدافع عن العملية العسكرية بعد ذلك كله أو يبرر للدكتور محمد مرسي موقفه منها...اتقوا الله! كلمتي هذه هي لاستحياء ما في قلوبكم من خير. ليست كلمتي من قبيل نحن وأنتم، بل أريدها صرخة من داخل ضمائركم. أرجوكم أن تدعوا التعصب، وأن تتخلوا عن عاطفيتكم غير المنضبطة! إني واللهِ لكم ناصح أمين. لا نستبعد أن يكون في سيناء أفراد لديهم غلو. لكنكم تعلمون جيدا أن أعداء الإسلام يلجأون إلى التعميم ليأخذوا المخلصين بجريرة هؤلاء الأفراد. هذا أسلوب مكشوف مفضوح قديم عيب أن يمر عليكم.
أيها الإخوان المسلمون، ويا من تنتسبون إلى السلفية في مصر، لا نريد أن نخسركم، لا نريد لكم أن تتحولوا إلى أداة بيد أعدائكم من حيث لا تشعرون. والله ثم والله لاجتماعنا معكم ومع الفصائل الجهادية إخوة متحابين متعاونين على البر والتقوى أحب إلينا من الدنيا وما فيها. ما يحصل هو تنفيذ لتوصيات مراكز التخطيط الاستراتيجي الغربية بضرب التيارات المنتسبة للعمل الإسلامي بعضها ببعض. الدور اليوم على التيارات الجهادية ثم الدور غدا عليكم، وليكن لكم فيما حصل في العراق عبرة.
والله ثم والله لا نتمنى لكم الاستئصال والاستبدال، بل نرجو لكم الهداية وأن يلطف الله بكم ويردكم إلى الحق ردا جميلا.
كيف تقبلون بضرب التيارات المنتسبة للعمل الجهادي برمتها؟ هل أصبح تأمين حدود الكيان الصهيوني وخطوط الغاز إليه مقبولا لديكم؟ هل أصبح التحالف مع تلاميذ مبارك في أجهزة الأمن المصرية مقبولا؟ أليست هي الاجهزة التي طالما حاربتكم أنتم أيضا والتي كانت مهمتها طوال الأعوام الماضية تأمين حدود الكيان الصهيوني وردم الأنفاق على أهل غزة والتهديد بالأعراض أثناء حملاتها في الصعيد وتسليم أخواتنا الواتي اهتدين إلى الإسلام إلى الكنائس وممارسة البلطجة وفقء العيون في موقعة الجمل وشارع محمد محمود والعباسية وبور سعيد وغيرها...كيف أصبحت هذه الأجهزة فجأة حليفا مقبولا مؤتمنا في نشر الأمن وإجراء عمليات "انتقائية" لاستهداف البؤر "الإجرامية" ودحر الإرهاب ومحاربة الفكر الضال؟!
هل قيادة مرسي لها حولتها بطرفة عين إلى قوى نزيهة صادقة مصدقة مؤتمنة نسير من خلفها ونعتمد تعريفها للإرهاب؟
عندما نرى انتهاكات الجيش في حملته ويُحمل د. محمد مرسي المسؤولية تعذرونه بأنه لا سيطرة له على الجيش. وفي المقابل تعتبرون قيادته للجيش والأجهزة الأمنية قد حولت هذه الأجهزة فجأة إلى أبناء بررة للأمة والوطن، وهذا لا يكون إلا بسيطرة كاملة! فهل له سيطرة أم ليس له سيطرة؟
ثم ألست تفاخر يا د. مرسي بالحملة قائلا: (الحملة التي أقودها بنفسي)، وقد غيرت قيادات الجيش أثناء الحملة ، فكل ما يتم في العملية هو من فعل قادتك الذين عينتهم أنت؟ لماذا تتجاهل نداءات من طالبوك أن توقف الانتهاكات كالدكتور وجدي غنيم وحركة حازمون والشيخ محمد شاكر الشريف؟ ما ردك عليهم؟
هل يفُترض فينا يا دكتور محمد مرسي أن نحسن الظن بك وبنواياك؟! مَن أولى أن نحسن الظن به؟ من أوقع الخسائر في الصهاينة ورفع لواء الجهاد وأعلن أنه لا يستهدف غير الصهاينة عبر العام والنصف من نشاطه؟ أم من وضع يده في يد تلاميذ حسني مبارك، وتثني أمريكا على قتله للمسلمين؟ أم أن الحزبيين يعتقدون بالعصمة لمحمد مرسي كما يعتقد الشيعة بالعصمة للأئمة الاثني عشر؟ ثم بأي دين وبأي عرف يُعاقب مجاهدون في سيناء بغير تحقيق ولا محاكمة ولا بينة ولا أدلة ولا دفاع؟ بل هكذا! قتلٌ مباشر وتُدفن أسرار القضية معهم! أيتوقع منا بعد ذلك أن نأتمن الجيش ونحسن الظن به؟
ثم ألا ترى يا من تتهم المجاهدين أنهم خلال الحملة العسكرية لم يستهدفوا الجيش، ولا حتى دافعوا عن أنفسهم؟ بل تم القتل والاعتقال واقتحام البيوت ومصادرة الأسلحة وانتهاك الحرمات ولم تُسجل أية حالة من إطلاق المجاهدين النار على الجيش. ألا يدل ذلك على أن الحملة استهدفت أناسا واعين يرفضون الانجرار إلى معركة مع الجيش ويتحملون الأذى في سبيل الله لئلا يُشوه جهادهم؟
هل عذرك يا د. مرسي أمام الله ثم أمام الناس أن هناك جماعات "تكفيرية" موجودة بالفعل في سيناء؟ وهل هؤلاء الـ"تكفيريون" جزاؤهم في دين الله القتل؟ بأية بينة استحللت دماءهم؟ هل يتم محاسبتهم على فكرهم؟ إن كان كذلك فهل أجهزة الذعر المصرية مؤتمنة على محاكمة أفكارهم ومحاسبتهم عليها؟
ثم هل يجوز أن يؤخذ مسلم بجريرة آخر؟ هل إن صح أن بعضهم عنده غلو فإن ذلك يبرر قتل واعتقال وتعذيب وترويع عائلة ومصادرة أسلحة كل مجاهد في سيناء قد أعد العدة لجهاد اليهود؟
ثم أيها الرئيس وأيها الحزبيون وأيها السلفيون، ما تعريفكم للتكفيريين والخوارج؟ ألم يقل النبي في وصفهم: ((يقاتلون أهل الإسلام ويدَعون أهلا الأوثان))؟ فمن أَولى بهذا الوصف؟ المجاهدون الذين يعلنون أن سلاحهم معد لليهود، أم من يحاربهم في الوقت الذي لا يَدَع فيه المشركين فحسب، بل ويُعين نصرانيا في مؤسسة الرئاسة وأخواتنا لا زلن معتقلات في أديرتهم، ولا يدع اليهود الذين يقتلون مسلما في سيناء فحسب، بل يطمئنهم على بقاء كامب ديفد؟
هل غركم بهرجة الإعلام للحملة العسكرية على اعتبار أن دفع الجيش إلى سيناء أثار استياء الصهاينة؟ وما الفائدة في ذلك إن كانت الحملة تصب في صالح اليهود تماما ولم يُمس جندي صهيوني بسوء؟ أم أنكم تظنون أن الصهاينة يخشون أن يقتحم الجيش الحدود وينساح في فلسطين ليحرر الأقصى؟
ماذا يفيد يا محمد مرسي تغييرك لقيادات الجيش إن كانت السياسات هي هي؟ قيادات من عهد مبارك تستمر في الحرب على المجاهدين؟ بل إن تغييرك القيادات لا يدع شبهة في تحميلك مسؤولية ما يقوم به الجيش.
فيا من تدافعون عن الحملة العسكرية وتطلقون أوصافا تعميمية جائرة تشملون بها كل من انتسب للعمل الجهادي في سيناء، تذكروا قول ربكم عز وجل: ((والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا (58) ))...
سيدي وسيدكم محمد صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي صححه الألباني: ((ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة من البغي و قطيعة الرحم))...
أيها الإخوان المسلمون، وأيها المنتسبون إلى السلفية... الله أمركم أن تتبينوا قبل أن تصيبوا قوما بجهالة. فإن خالفتم أمر الله ورسوله ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)).
والله إنا لنخشى عليكم أن يأتي الدور عليكم في الدنيا ثم تلقون الله وهو عليكم ساخط. وإنا والله لا نحب لكم نهاية كهذه.
أين دعوتكم؟ أين تعليمكم الناس حرمة المسلم دمِه وماله وعرضه؟ كثير من الناس أحسن فيكم الظن واختاركم ظانا فيكم إقامة العدل ومنع عودة الفلول وظلمهم. كفاكم تخييبا لظنون الناس فيكم.
العجيب أن البعض يهون من شأن قتل بعض المجاهدين...يقول حتى على فرض أن ذلك حصل فهذا خطأ، وسننصح الرئيس بأن يتحرى...هكذا بدم بارد كالذي نعهده من الساسة الأمريكان عندما يقتلون مجموعة من المدنيين فيقولون: سوف نحقق في الأمر!
تعالوا نتذكر ما معنى قتل المسلم:
- قتل المسلم هو أكبر الجرائم بعد الشرك بالله. قال الله تعالى:
((ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما (93) ))
هذا عن أي مؤمن...ولو لم يكن مجاهدا.
ما الذي سينجيك يا محمد مرسي من هذه الآية؟
طبعا أعلم أن هناك أحمق –حاشاكم- لا يفهم ولا يريد أن يفهم، يريد أن يرد ولا يريد أن يتعلم سيقول لي: (كيف تتكلم عن حرمة دم المسلم؟ أنتم قتلتم المسلمين في العراق وفعلتم وفعلتم). فليعلم هذا الجاهل أني لست منتميا إلى أي حزب أو تيار، ولا أدافع عن أخطاء أية جهة كانت، فلا يحاسبني على أفعال غيري أو ما يتوهمه أنه من أفعالهم. دعونا الآن من التعصب والتشنج ومحاولة الرد لمجرد الرد...
أتعلمون ما معنى قتل المسلم؟ في الحديث الذي صححه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)). في الحديث الذي رواه البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبغض الخلق إلى الله ثلاثة))...ذكر منهم: ((ومُطَّلبٌ دم امرئ بغير حق ليهريق دمه)).
فقتل المسلم بحد ذاته جرمة كبرى.
- فكيف بقتل المسلم المجاهد؟
- وكيف عندما يكون هذا القتل فيه إقرار لعيون أمريكا والصهاينة وتأمين لحدود الكيان الصهيوني؟
- وكيف عندما يصحبه تدليس وافتراء على المجاهدين بأنهم مجرمون إرهابيون خوارج؟
- وكيف عندما يكون هذا القتل بعيد الثورة التي قام بها عوام الناس رفضا للظلم واختاروا فيها من رأوهم إسلاميين فخابت الظنون ولم تُرعَ الأمانة؟
- وكيف عندما يكون القتل والاعتقال وانتهاك حرمات البيوت هذه المرة تحت ظل "ولي الأمر" الذي يعطي للجيش "الشرعية" في كل ما يفعله في ظن البعض بخلاف ما كان عليه أيام حسني؟! فتتم هذه الجرائم باسم هذا الرئيس الـ"إسلامي" بما يخدر شعور الشعب عن الثورة على الجيش وأفعاله النكراء؟!
- وكيف عندما يكون هذا القتل في رمضان، وفي العشر الأواخر منه؟
هذا الذي يحصل مجموعة من الخطايا الكبرى. فتب إلى الله منها يا من تورطت فيها وتفاخر بأنك تقود حملتها. وتوبوا إلى الله يا من تدافعون عنها.
أيها المسلمون وأيها الحزبيون ويا من تنتسبون إلى السلفية... لا تدافعوا عن هذه الحملة وإلا كنتم شركاء فيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا عُملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها)) (رواه أبو داود وصحح إسناده أحمد شاكر).
أيها الحزبيون، عندما تصرون على الدفاع عن الاخطاء، خاصة إراقة الدماء أو تقللون من شأنها فإنكم تدكون آخر مسمار في نعش محاولات التفاهم والتقارب مع التوجهات الاخرى، وتصعبون مهمتنا نحن من ننشد جمع شمل المسلمين. ليتكم تتعلمون من بعض قادة الجهاد العالمي الذين حتى وإن كان لنا تحفظ على بعض ما بدر منهم، لكن على الأقل كان لهم مراجعات وتصويبات وتبرأوا من كل دم أريق بغير حق وتناصحوا ونشرت رسائلهم في تحري عدم إراقة هذه الدماء إلى أن وصل كثير منهم إلى النضج والحكمة التي رأيناها في البيان الذي نقلتُه في الكلمة الماضية.
أيها الحزبيون، ويا من تنتسبون إلى السلفية، كفاكم تخييبا لظنوننا وظنون من يريدون الإصلاح بين المنتمين إلى العمل الإسلامي. قبل شهرين من الآن، وبتاريخ 27-6 تحديدا نشرتُ كلمة أشرتُ فيها إلى احتمال أن ترهن القوى الغربية الصلاحيات المعطاة للرئيس والأحزاب "الإسلامية" التي انخرطت في العمل الديمقراطي في المرحلة المقبلة باستعداديتها لتنفيذ دور تطويع البلاد للسياسات الدولية ومحاربة "الإسلام الأصولي". أي أنها تريد ضرب التيارات المنتسبة للعمل الإسلامي بعضها ببعض. ثم قلت عن هذا الاحتمال أنه ضعيف، وأن عموم منتسبي الأحزاب يرفضون أداء هذا الدور. وكنت أظن أن مشايخ السلفية سينتفضون ويزمجرون غضبا إن رأوا تسخير الرئاسة الجديدة لضرب المجهادين.
وإذا بكم أيها الحزبيون الذين أحسنا بكم الظن تبررون أو تتغافلون عن سفك الدماء المعصومة وترضون سريعا بالانضمام إلى الحرب العالمية على المجاهدين. ثم إذا بعامة مشايخ السلفية يلتزمون الصمت، والبعض يعلن أنه يسير وراء الجيش لمحاربة التكفير في سيناء في زعمهم! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولعل استدراج الأحزاب الرئيس والأحزاب "الإسلامية" الديمقراطية إلى ضرب التيارات الجهادية لم يكن الخيار الأول بالفعل لدى مراكز المكر الغربية، لكنها رأت في هذه الأحزاب وفي مشايخ السلفية ما أطمعها فيهم فقدمت هذا الخيار واستعجلت تنفيذه.
عندما أُحرق المسجد الأقصى عام 1969م قالت غولدامائير رئيسة وزراء الكيان الصهيوني: (لم أنم ليلتها وأنا أتخيل العرب سيدخلون "إسرائيل" أفواجا من كل صوب لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء، فقط اكتفوا بعبارات نُدين ..نشجب.. نستنكر.. أدركت أن باستطاعتنا فعل مانشاء، فهذه أمة نائمة).
وليست أمتنا نائمة هذه المرة بل فيها حياة بفضل الله، وهذا أوان افتراق الناس إلى فسطاطين. فاتقوا الله أيها الحزبيون وقدموا دينكم على حزبيتكم، واتخذوا يا مشايخ الدعوة السلفية في مصر موقفا يبرئكم من لعنة كتمان البينات والهدى، وإلا فلا أرى إلا أن الدور سيأتيكم ثم تمضون غير محمودين في الدنيا ولا في الآخرة. وليس هذا ما نتمناه لكم والله، إني لكم ناصح أمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق