الخميس، 14 فبراير 2013

ماذا تعني إضافة نصوص من "الإنجيل" المحرف إلى المناهج بمصر؟


ماذا تعني إضافة نصوص من "الإنجيل" المحرف إلى المناهج بمصر؟
السلام عليكم ورحمة الله،
إخوتي الكرام، ما معنى أن تضاف آيات مما يسمى الكتاب المقدس إلى المناهج التعليمية في مصر؟
بداية أود أن أصحح خطأ شائعا، فوسائل الإعلام تتناقل أن آيات من الإنجيل أضيفت، بينما الإضافات جميعها هي من التوراة المحرفة. فنصارى مصر يؤمنون، كعامة النصارى، بما يسمونه العهد القديم، وهو التوراة المحرفة، والعهد الجديد، وهو الإنجيل المحرف. الآيات المضافة هي من سفر الأمثال وسفر التثنية وسفر الجامعة، وهذه الأسفار الثلاثة هي من العهد القديم، من التوراة المحرفة التي يؤمن بها اليهود أيضا وليس النصارى فقط. لكن يبدو أن البعض يجهل ذلك والبعض الآخر يريد أن يقلل من وطأة الخبر فيقولون (آيات من الإنجيل).
ما معنى إضافة هذه الآيات التوراتية؟ سنجعل الإجابة على شكل ثماني نقاط نعرف منها أبعاد هذه الإضافة لنتخذ منها موقفا على بصيرة:

1)    لا تضاف هذه النصوص على أنها كلمة كلام لمفكر كافر لكنها كلمة حق فننتفع بها، بل على أنها رواية عن الله، كأنه يقال: روى محمد عن الله في القرآن أنه قال كذا، بينما في رواية التوراة كذا! فآيات التوراة المضافة لا تضاف ليرى الطلاب نماذج من التحريف محفوفة ببيان بطلان ما فيها، بل على أنها مصدر إلهام وتلق عن الله! على أنها وجهة نظر تُحترم في النقل عن الله.
أنت عندما تنقل حكمة لبرناردشو مثلا فمعلوم أن هذا بشر يخطئ ويصيب، ونقلك كلمة عنه لا يعني تصحيح أقواله كلِّها، لكن النقل من كتاب يُنسب إلى الله مختلف. فهذا النقل إما أن يكون على سبيل: (انظروا أيها الطلاب إلى الباطل الذي افتراه هؤلاء على الله، تعالوا نقارنه بالحق الذي في القرآن)، وإما أن يكون على سبيل: (هذه الكتب محرفة لكن قد يكون فيها بعض الحق الذي يوافق القرآن فتعالوا نرى هذا الحق) وطبعا لم تضف إلى المناهج أية عبارة تشير إلى أي من هذين المعنيين.

إذن فهذه الآيات من التوراة المحرفة تضاف على سبيل أنها روايات محترمة عن الله، على أنهها حق...  خاصة وأننا نتكلم عن منهج دراسي. فالمناهج الدراسية الأصل أنها لا تدرِّس الباطل بل تدرس الحق، الأصل أن المناهج لا تدرس الكذب والتحريف بل تدرس الصدق. فوضع هذه الآيات دون إنكارها يعني أن التوراة المحرفة التي أُخِذَت منه هذه الآيات أصبحت مرجعا من المراجع الموثوقة للطلاب!
هذه التوراة المحرفة التي أصبحت مرجعا معتدا به للطلاب هي ذاتها التي تقول عن الله أنه صارع يعقوب فتغلب عليه يعقوب فطلب منه الرب أن يطلقه كما في سفر التكوين وأنه قال عن نفسه (ويل لي من أجل سحقي) كما في سفر أرميا، وأنه يقول لعباده (اشْرَبُوا وَاسْكَرُوا أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ) كما في سفر نشيد الأنشاد وأنه يقول عن نفسه (لِهَذَا أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ وَأَمْشِي حَافِياً عُرْيَاناً، وَأُعْوِلُ كَبَنَاتِ آوَى، وَأَنْتَحِبُ كَالنَّعَامِ) كما في سفر ميخا، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. هذه التوراة المحرفة هي التي تقول تنسب الكذب إلى الله فتقول أنه قال لآدم أنه إن أكل من شجرة المعرفة فسوف يموت وأنه ندم على خلق آدم كما في سفر التكوين، وأنه ينسى كما في سفر الخروج وأنه يأمر نبيه حزقيال بأكل كعك الشعير مع الخرأ كما في سفر حزقيال وأنه أمر نبيه هوشع بالزواج من زانية كما في سفر هوشع وعاقب داود بأخذ نسائه منه وتسليمهن لمن يزني بهن في وضح النهار كما في سفر صموئيل الثاني وأنه استراح بعد خلق السماوات وأمر بني إسرائيل بالسرقة كما في سفر الخروج وأنه ينام ويستيقظ كما في سفر زكريا. وغير هذا من القرف والكفر والبهتان... طبعا هذا غير وصف الأنبياء عليهم السلام بزنا المحارم والزنا بنساء الأتباع وشرب الخمر والرقص والتعري والخيانة والخديعة وعبادة الأوثان المبثوثة في هذا الكتاب المسمى بالمقدس. هذه الأسفار كلها يؤمن بها النصارى وهي موجودة على مواقع نصارى الأقباط في مصر.
اكتب على النت: (ماذا يقول الكتاب المقدس عن الله) و(ماذا يقول الكتاب المقدس عن الأنبياء) واستعد للغثيان والتقيؤ.
هذا هو الكتاب الذي أصبح مرجعا لأبنائنا يستهدون بـ"نوره" مثل القرآن سواء بسواء! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إذن فإضافة هذه الآيات تنقل الكتاب المحرف من مادة منتقدة يحذَّر الطلاب من بطلانها إلى كتاب إلهي يستهدى بما فيه. وبهذا فلا ينسجم أبدا أن يدرس مدرس التربية الإسلامية قوله تعالى: ((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) )) (البقرة)، ثم يشرح لهم كيف أن أهل الكتاب حرفوا التوراة والإنجيل، ثم يقرأ الطالب في الحصة التالية، في التربية الوطنية، هذه الآيات جنبا إلى جنب مع آيات القرآن.

فالخطوة التالية المتوقعة أن يحذف من المناهج أية إشارة إلى تحريف كتب أهل الكتاب حتى تكون المناهج منسجمة ولا يحدث تشتت للطالب ولا تثور نقاشات تهدد الوحدة الوطنية. لن يسمح للأستاذ أن يقول: هذا النص من كتاب محرف لا عبرة به، بل لعله سيجرم بتهمة ازدراء الأديان حينئذ. وسيكون وجود طالب نصراني في أي فصل كافيا ليلجم الأستاذ فمه، بل لعل الطالب النصراني يصيح في وجه أستاذه إذا تجاوز هذه الآيات التوراتية ولم يدرسها! ويا للعزة الإسلامية التي سنتمتع بها حينئذ!

إذن فالسياق الذي تضاف فيه هذه الآيات التوراتية مهم جدا. ليس سياق نقد ولا بيان موافقة شيء منها للإسلام. بل سياق إقرار بنسبة هذا الكتاب إلى الله كالقرآن سواء بسواء.

2)    في وحدة حقوق المرأة أضيف نص يؤكد أن المسيحية تحرم الطلاق وتعدد الزوجات. تحت أي عنوان؟ تحت عنوان حقوق المرأة في المسيحية. إذن فتحريم الطلاق، وتحريم تعدد الزوجات شيء ممدوح وفيه احترام للمرأة حسب المنهج الجديد. بينما هذان أمران مسموحان في الإسلام. إذن وكأن المنهج يقول: تتميز المسيحية عن الإسلام بإعطاء المرأة حقوقا حرمها منها الإسلام. فالمرأة في الإسلام تطلق بينما في المسيحية لا يجوز تطليقها، والمرأة في الإسلام يتزوج عليها زوجها، بينما هذا محرم في المسيحية! فقارني أيتها الطالبة بين الدينين واتخذي القرار المناسب!
بينما كان المنتظر من المناهج الجديدة في ظل "الإسلاميين" أن تعمل على تنظيف نفوس الطلبة من الصور النمطية السلبية التي رسختها الأفلام المصرية والإعلام الحاقد عن أحكام إسلامية كتعدد الزوجات.
3)    إضافة هذه الآيات تعني الخروج على سيادة الشعب التي يتغنى بها هؤلاء "الإسلاميون" الديمقراطيون. سؤال: لو استُفتيَ الشعب الذي يشرع ما يشاء كما يقول الديمقراطيون...لو استفتي شعب مصر في إضافة هذه الآيات من التوراة، هل كان سيقبل أم يرفض؟ لا والله بل كانت الأغلبية سترفض. فلماذا لم يؤخذ رأي الشعب؟
إن قلنا للديمقراطيين أقيموا شريعة الله قالوا: بل السيادة للشعب يختار ما يشاء من أحكام، فما بالكم عندما نصرتم كتاب اليهود والنصارى ضربتم بالشعب ورأيه عرض الحائط؟؟!!
4) إضافة هذه الآيات تعني أن المؤسسة الحاكمة لا تقيم وزنا للعلماء. لو أرادت حكومة قنديل أن تحفظ ماء وجه "العلماء" المدافعين عنها لاستشارتهم قبل أن تقر هذه الإضافات في المناهج الجديدة. لكن هذا النظام الجديد لا يأبه بمرجعية شرعية، إذ أن ما يراه مصلحة ومفسدة هو دينه ولا يحتاج في ذلك استشارة أحد.
5) علماؤنا الثقات رحمهم الله كانوا دائما يحذرون من خطر المدارس التنصيرية في بلاد المسلمين ويبينون أنها معاول هدم وبؤر تشويه وتشويش للعقيدة. هذا مع أن هذه المدارس كانت تمارس نشاطها التنصيري بين جدرانها بعيدا عن الأعين، ومع أن عامة المسلمين لم يكونوا يرسلون أولادهم إلى هذه المدارس. إضافة الآيات التوراتية أخطر من المدارس التنصيرية. فهذا منهاج مفروض على أبنائنا المسلمين في المدارس كلها...فتحريفات وشبهات أهل الكتاب تغزو أبناءنا في مدارسهم ولم تعد محصورة في أسوار المدارس التنصيرية.
6)    إضافة الآيات التوراتية تعني أن الخطوة التالية هي أن يدافع بعض "الإسلاميين" عن الكتب المحرفة، وذلك حتى يبرر أخطاء من يدافع عنهم ويكونَ منسجما مع نفسه. سترون أن هناك من سيلبس على المسلمين بقوله: (ليس كل ما في الكتاب المقدس باطلا)، إن الله تعالى قال: ((حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم)) وكأن هذه الآية إقرار بالتوراة والإنجيل المحرفين. سوف ترون تخليطا وتخبطا وتعمية وتلبيسا من هؤلاء المدافعين في الأيام القادمة والله أعلم.
7)    إضافة الآيات التوراتية تعني إرضاء الصهاينة الذين أخذت هذه الآيات من توراتهم المحرفة، وإرضاء النصارى كذلك. تصفح مواقع النصارى في مصر وانظر إلى فرحهم بهذا الانتصار!...إرضاءٌ لهؤلاء في الوقت الذي يتهجم فيه نصارى المهجر وكثيير من نصارى العالم على نبينا صلى الله عليه وسلم، إرضاء لهم في الوقت الذي لا زالت أخواتنا كاميليا وعبير وكرستين وتيريزا والقائمة الطويلة محتجزات في كنائسهن.
8)    وضع صورة الصليب بجانب المصحف على غلاف كتاب التربية الوطنية هو رفع وإعلاء لرمز الشرك. فالصليب رمز عقيدة النصارى أن عيسى ابن الله، وهي العقيدة التي سماها الله شتيمة له سبحانه. في الحديث الذي رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قال الله تعالى: يشتمني ابن آدم، وما ينبغي له أن يشتمني، ويكذبني، وما ينبغي له. أما شتمه فقوله : إن لي ولدا). فالصليب رمز شتم الله والعياذ بالله. لذا فقد صح أن النبي كان لا يَرى شيئًا فيهِ تَصليبٌ إلَّا نقَضَهُ، وفي لفظٍ: (إلَّا قضبَهُ)...يطمس معالمه، فهو رمز الشرك وشتم الرب والعياذ بالله.
فهم ذلك عمر رضي الله عنه فاشترطه في العهدة العمرية التي يتغنى بها الديمقراطيون.
فابن كثير في تفسيره، عند تفسير الآية الخامسة من سورة التوبة ذكر نص العهدة العمرية وجاء فيها تعهد النصارى:
(وَأَنْ لَا نُظْهِر الصَّلِيب عَلَى كَنَائِسنَا وَأَنْ لَا نُظْهِر صُلُبنَا وَلَا كُتُبنَا فِي شَيْء مِنْ طُرُق الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقهمْ).
وهؤلاء الديمقراطيون لا يسمحون بإظهار الصلب على الكنائس فحسب، بل يطبعونها على كتب أبناء المسلمين... يحمل الطالب هذا الكتاب في ذهابه وإيابه ويرى الصليب أمامه حتى يألفه ويبهت في حسه أنه رمز الشرك ورمز شتم الله تعالى.
لهذه الأسباب كلها إخواني فتلويث المناهج من أخطر الأعمال وأطولها أثرا وأصعبها تخلصا في حياة الأمة...ينتقد المنتقدون ثم تهدأ الأمور وينسى الناس ويبقى هذا التلويث في المناهج تدرسه الأجيال المتعاقبة!
 ولهذه الأسباب كلها نقول: إن إضافة هذه الآيات التوراتية للمناهج خيانة لله ولرسوله وللمسلمين، وخيانة لأبنائنا طلاب المدارس. وينبغي علينا العمل على إلغائها قبل أن ترسخ وتثبت فيصعب قلع الأشواك، ونكون شركاء في هذه الخيانة.
((يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون))
والسلام عليكم ورحمة الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Google